بدأت الكاتبة بسرد عدد من ذكرياتها في مدينة دمشق، قائلة إن خيرات الشام تتجلى بمياهها العذبة، فعند شطف أرض الديار تشتهي الماء من النربيش- الخرطوم ذات الطعم الرائع البارد المنعش، ويجدر التغني بها، بالإضافة إلى رسم الأطفال للحارات والأقواس الموجودة بها، وأبواب دمشق المشهورة.

كانت أسقف بعض حارات دمشق قليلة الارتفاع، ومنها المنخفض جداً، يجعل المار تحتها يضطر للانحناء، مثل حارات بيت جد الكاتبة في منطقة المناخلية. ثم تنتقل لسرد الحكايا والقصص القصيرة المكتوبة باللهجة الشامية المحكية بأسلوب خفيف ومسل ومكتوب بطريقة السجع والقافية، التي دأبت الكاتبة على كتابتها كما تقال ضمن السهرات العائلية من شدة عشقها وتعلقها بها. فهذه الحكايات كانت تقال إما لحكمة وعبرة يقصدها الراوي أو تحكى على سبيل المزاح لإضفاء جو من المرح والضحك والتسلية خلال السهرة، وقد يكون الهدف إرسال رسالة لشخص معين من الحضور عن طريق الغمز واللمز.

جمعت الكاتبة سناء الموالدي في كتابها "حكايات حارات شامية" إحدى وثلاثين حكاية تناولت فيها طبيعة الحياة المجتمعية في البيئة الشامية وباللهجة المحكية لأهل دمشق. هذه الحكايات هي جزء مما سمعته من جدتها وعمتها ووالدتها وصديقاتها. وأولى القصص حكاية السبع نساء المطلقات اللاتي اجتمعن على مقاعد إحدى الحدائق الدمشقية لتروي كل منهن سبب طلاقها، وتشتم الذي تسبب فيه.

وتنوعت الحكايا: بياع الصابون، بياع الدهنة، رمضان، المعزاية، طبخة السجقات، طبخة السبانخ، اللحاف، كيد النسوان، الجاكيت، الحماية والكنة، الشحاد، الحرامي، درية وفهمية، العين بالعين، عربة دوما، الطمع ضر ما نفع، صحون السفرة، المنتوف وغيرها.

شرحت الكاتبة بعض العبارات المحكية الشامية باللغة الفصحى، لكي لا يجد القارئ غير الدمشقي صعوبة في فهم بعض المفردات وإدراكه للمعنى المقصود منها، وتناولت قصصها النباتات الموجودة في البيت الدمشقي من الكباد والنارنج والرمان والياسمينة حول البحرة ونبات العطرة والخبيزة والسجادة ولسان الحماية، بالإضافة لاستعراض الكاتبة لعناصر البيت الدمشقي من الليوان والنصية وغرفة المونة- القبو والحرملك والسلملك وغيرها.

اعتبرت الكاتبة الحكايات التي سردتها نافذة لوصف الأسواق والأمكنة والأكلات وغيرها من تفاصيل الحياة في دمشق. من الأسواق التي ذكرتها سوق الحدادين والقباقبية والعصرونية والمسكية والدقاقين وسوق الحميدية. وعرجت قليلاً على الحمامات الشعبية، وعددت بعض الأكلات الشعبية المرتبطة بمناسبات معينة والعلاقات القائمة بين أهل الشام.

----

الكتاب: حكايات حارات شامية

الكاتب: سناء فوزي الموالدي

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2012