أثار كتاب "قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي"، وهو من تأليف الكاتب ول ديورانت وترجمة الدكتور فتح الله محمد المشعشع، إشكالية ثقافية كبيرة في الأوساط المعرفية الغربية والعربية.

عمل الكاتب على تقسيم الكتاب إلى أحد عشر فصلاً واضعاً منهجاً لنفسه في الإضاءة على حياة وأعلام الفلاسفة في العالم، إذ بدأ بأفلاطون وسقراط، طارحاً تهيئة أفلاطون وما يحمل من المشكلة الأخلاقية والسياسية والنفسانية، والحل النفساني، والسياسي والأخلاقي. ويصل إلى النقد عند أرسطو والعلم اليوناني والنشأة التاريخية وأعماله وأصل المنطق وتنظيم العلم، والعلم اليوناني قبل أرسطو، والأخلاق وطبيعة السعادة.

استطاع الكاتب أن يتوصل إلى فلسفة أرسطو حول الإنسان المثالي بعد غمار في عالمه بحيث يعتبر أرسطو أن الإنسان المثالي هو الذي لا يعرض نفسه بغير ضرورة للمخاطر، ولكنه على استعداد أن يضحي حتى بنفسه في الأزمات الكبيرة، مدركاً أن الحياة لا قيمة لهـا في ظروف معينة، وهو يعمل على مساعـدة الناس، ولكنه يرى العار في مساعدة الناس له، لأن مساعدة الناس ونفعهم دليل التفوق والعلو، ولكن تلقي المساعدات منهم دليل التبعية وانحطاط المنزلة، ولا يشترك في المظاهر العامة، وينأى بنفسه عن التفاخر والتظاهر، وهو صريح في كراهيته وميوله، وقوله وفعله، ولا يهزه الإعجاب بالناس أو إكبارهم، إذ لا شي يدعو إلى الإعجـاب والإكبار في نظره، ولا يساير الآخرين إلا إذا كان صديقـاً لأن المسايرة من شيم العبيد، ولا يشعر بالغل او الحقد أبداً، ويغفر الإساءة وينساهـا، ولا يكثر الحديث ولا يبالي بمدح الناس له أو ذمهم لغيره، ولا يتكلم سوءاً عن الآخرين ولو كانو أعداء له.

لم ندخل في التحليل البنيوي لأفكار أرسطو في السياسة، والزواج والتعليم والديمقراطية والأرستوقراطية وأصل علم الأحياء والميتافيزيقيا وطبيعة الله، وعلم النفس وطبيعة الفن ونقـده، يقيناً أن الولوج في الرأي الفلسفي والنقدي والرؤية في الإشكاليات المطروحة تحتاج إلى شرح مفصل، لأن الكاتب ول ديورانت في فصوله اعتمد في الفصل الثالث على فرنسيس بيكون شارحاً حياته السياسية والمقالات، والبناء الجديد وتقدم العلم ومدينة العلم الفاضلة، لينتقل إلى عالم سب?نوزا وسيرته وتاريخه وثقافته، وعزلته وموته، ورسالته في الدين والدولة وتحسين العقل والأخلاق والطبيعة وتأثير سبينوزا، ثم فولتير وعصر التنوير الفرنسي، ليصل إلى الفيلسوف عمانويل كانط والمذهب المثالي الألماني، والطريق نحو كانط، ثم يضع رؤيته من فولتير إلى كانت ومن لوك إلى كانط، ومن روسو إلى كانط.

في الفصل السابع يقف عند شوبنهور والعالم كفكرة وإرادة الحياة والتناسل موضحاً فلسفة الحياة وحکمة الموت، ثم هربرت سبنسر وکومت وداروين والحقيقة المغلقة وتطور علم الأحياء، والحياة وعلم النفس، وتطور العقل، وعلم الاجتماع والمجتمع والأخلاق.

وأشار إلى نشأة فريدريك نيتشه وفترة الشباب ونيتشه وفاغنر، وأغنية زرادشت، والسوبرمان الإنسان الأعلى. وقبل الفصل الأخير يقدم إضاءة عن الفلاسفة المعاصرين في أوروبا أمثال برجسون، كروتشي، وبرتراند رسل. قدم عن هنري برجسون رؤيته في الثورة المادية والعقل والمخ والتطور الخلاق، إضافة إلى النقد، أما بنيديتو كروتشي فقد أوضح فكرة فلسفة الروح والجمال لديه مع الحكم النقدي.

ويختم بفلاسفة أمريكا أمثال جورج سنتيانا، حياته والشك وفكرة العقل والدين والعقل في المجتمع، وكذلك وليم جيمس موضحاً البراغماتزم والتعدد وتعليقه، وأخيراً تعليم جون ديوي والفلسفة الأداتيه، والعلم والسياسة.

----

الكتاب: قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي

الكاتب: ول ديورانت

ترجمة: د. فتح الله محمد المشعشع

الناشر: مكتبة المعارف، بيروت