أصالة اللغة العربية وتاريخ العروبة من الموضوعات التي تطرق لها كتاب "قراءات في التاريخ والهوية والثقافة" للدكتور فاروق اسليم، بالإضافة إلى ما يجري في العصر الراهن من تحديات ومحاولات للغزو الثقافي، وضرورة التصدي لكل ما يهدد انتماءنا وهويتنا.
يشير الكاتب في كتابه هذا إلى ضرورة الاهتمام بوعينا وثقافتنا لمواجهة التحديات والحفاظ على استمرارية الوجود التاريخي الموحد للأمة، من خلال الحفاظ على الدور الريادي للمثقفين العرب الذين نبهوا إلى إشكالية الوعي بالهوية العربية، وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وظهور النظام العالمي الجديد، وما رافقهما من تغيرات سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية تستجيب لمتطلبات العولمة، وإعادة وعي المجتمعات بوجودها التاريخي، ولا سيما عند العرب، وإدراك خطورة الأزمة الثقافية باعتبار أن الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع وجود وهوية.
ونوه الباحث في كتابه إلى خطورة ما تواجهه الأمة العربية الذي يفوق ما تواجهه الأمم الأخرى، إضافة إلى ما تواجهه فلسطين من استبدال للهوية العربية وإلغائها لصالح العبرية الغربية، وأن تحصين الهوية العربية والوطنية عمل واسع الطيف يتصل بالوعي والاستجابة للتحديات وسلوك المواطنة، الذي تحتاج إليه الثقافة الوطنية والعربية.
وتطرق الكتاب إلى الانتكاسات التي أصابت المشروع القومي العربي في الساحة العربية والإشكالات على صعيد الدول العربية التي بدأت منذ بداية الحصار الأمريكي للعراق وتدمير اقتصاده، وما تبعه من تقسيم طائفي وعرقي همش التاريخ العربي والهوية العربية وتفكيك الوحدة العربية.
يسلط الدكتور اسليم الضوء على أهمية المقاومة الشعبية في مواجهة التطبيع مع الثقافات الغربية، ولا سيما مقاومة الكتاب والمثقفين العرب والنقابات المهنية والأحزاب، كما أنه نوه على أن المتابع العربي الحديث يجد أن اليقظة العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين قد شغلت بأسئلة التكوين التاريخي والهوية، وتنازعت ذلك مرجعيات إسلامية وقومية عربية وما قبلها من مرجعيات تنتمي إلى تكوينات عرقية في عدد من الأماكن الجغرافية العربية.
وهكذا نرى أن قراءات الكتاب تندرج في سياق توجه نحو وعي التاريخ والهوية والثقافة، عبر وعينا لمعالم تكوين الهوية عربياً ووطنياً، وعبر وعينا لمعالم التحديات وسبل الاستجابة لها، مع مناقشة لإشكالات خاصة بالمواطنة وبالثقافة عربياً وسورياً، وبموقع المثقف العربي من السلطة ومن الناس.
----