مجموعة من النقاشات الفلسفية المختلفة وجلسات حوارية بين المؤلف وأناس مختلفين من أعمال وبيئات وخلفيات اجتماعية متنوعة، طُرحت فيها قضايا الحياة، قدمها الكاتب كريستوفو فيليبس في كتابه "مقهى سقراط، نكهة مختلفة للفلسفة" بأسلوب بسيط ولغة سلسة.

يأخذك كتاب "مقهى سقراط" في رحلة فلسفية مكثفة ومرحة، تمزج بين بداهة الأسئلة، حد السذاجة أحياناً، وروح التفلسف وفق منهج "المايوتيقا"، القائم على مبدأ "اعرف نفسك بنفسك"، ودعابة الجلسات الحوارية، ومتعة النقاش بين رواد المقهى.

يضم الكتاب نقاشات فلسفية يعقدها ويديرها المؤلف فيليبس في أماكن مختلفة تطبيقاً لمبدأ سقراط في ضرورة تفاعل واحتكاك الفلسفة بالحياة اليومية للبشر بدلاً من انعزالها في البرج العاجي، وإخراجها من الجامعات والمناهج الأكاديمية الصارمة وجعلها في متناول العامة من الناس ولكل الثرثارين.

يحكي الكتاب تجربة كريستوفر فيليبس، في سعيه نحو إشاعة المنهج السقراطي في التفكير بين الناس، بسرد تفاصيل لقاءات المقاهي الفلسفية التي نظمها في أماكن مختلفة "المقهى، الكنيسة، السجن، المشفى، دار الرعاية، المدرسة" في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، مع أناس من مختلف الفئات العمرية راشدين، أطفال، شيوخ، سجناء، مرضى، متدينين، وفاء للطريقة السقراطية التي يعدها "وسيلة للبحث عن الحقائق باستخدام نورك الخاص، إنها نظام وروح ونوع من البحث الفلسفي وأسلوب فكري مجتمعة في وقت واحد".

إنه كتاب فلسفي بسيط وذكي يستعرض فيه الكاتب الموضوعات من زوايا عدة، ووجهات النظر المتعارضة بسلاسة ووضوح، حيث يهدف الكاتب أن يسلط الضوء على أن أسلوب سقراط في التساؤل يصلح للصغار والكبار، حيث إنه لم يقدّم متطلبات التفكير الفلسفي في ذلك الدليل الساحر على مظهر "الفلسفة للمبتدئين" فقط، إلا أنه استرجع ما قاده لاستحداث برنامجه المتنقل وأعاد حكاية أكثر الجلسات حماسةً، والتي تبدو مرة تلو الأخرى تأملات مفاجئة وعميقة بشأن معنى الحب، والصداقة، والعمل، والازدهار في السن، وغيرها من أسئلة الحياة الكبرى، بالإضافة إلى نصائحه بشأن طريقة هيئة "مقهى سقراط" التي ستلهم محبي الأسئلة لأجل أن يؤسسوا تجمعاتهم المخصصة.

يوضح الكاتب أن سقراط كان يشعر أن كل جزء من المعرفة وكل افتراض يجب أن يُشكّك فيه، ويتم تحليله وتحديه، ولا يوجد أي أمر يمكن حسمه بشكل نهائي، فكل نتيجة قابلة للبحث من جديد، فالأسئلة في كثير من الأحيان تعلمنا عن أنفسنا والعالم من حولنا أكثر مما تعلمنا إياه الإجابات، كما أن الأسئلة تزعج وتستفز وتثير وتهدد وتجعلك تشعر - ولو للحظة - أنك فقدت صوابك، إلى الحد الذي يجعلك تشعر بعدم الثبات، بل كأن الأرض من تحتك تتأرجح، ولكن دون زلزال يميد بها.

ترمي فكرة مقهى سقراط إلى إعادة الفلسفة إلى العامة من الناس، رهان يبقى عصياً على التحقق، بحسب فيليبس، ما دامت مهارة طرح الأسئلة مفتقدة في المجتمع. فالتساؤل أساس التفلسف "نحن الفلاسفة نفكر في الأسئلة، لكي نتمكن من التفكير في الإجابات، لكي نتمكن من التفكير في مزيد من الأسئلة"، لذلك يصر الكاتب على ضرورة امتلاك مهارة فن التساؤل، عندما تصبح أكثر مهارة في فن السؤال، ستكتشف طرقاً جديدة لطرح الأسئلة التي طالما حيرتك وأربكتك كثيراً، وبهذا ستصل إلى إجابات جديدة، بل ومثمرة أكثر، وهذه الإجابات ستولد مزيداً من الأسئلة، وستستمر العجلة في الدوران، لكن ليس في حلقة مفرغة بل في شكل لولبي لا يتوقف عن التصاعد والاتساع، تمنحك باستمرار أفقاً حديثاٍ ومتجدداً في نظرتك إلى الحياة".

وهكذا نرى أن "مقهى سقراط" هو تجمعات حول العالم يلتقي فيها أشخاص من خلفيات مختلفة، ويتبادلون وجهات نظر فلسفية، بناءً على تجاربهم، باستخدام نسخة الطريقة السقراطية، التي طورها المؤسس كريستوفر فيليبس.

----

الكتاب: مقهى سقراط

الكاتب: كريستوفر فيليبس

ترجمة : هادي آل شيخ ناصر

الناشر: دار أثر، 2021