تُعد فلسفة التربية تطبيقاً منهجياً ونظرة فلسفية على التربية بسبب دورها في تحديد الطريق الخاص بعملية التربية، والمساهمة في تعديلها ونقدها وتنسيقها لتواكب المشكلات والصراعات الثقافية.

تمثل فلسفة التربية الجهد المستخدم في تنفيذ الأفكار الفلسفية في بيئة التربية، أو السعي إلى نشر نظرة الفلسفة العامة ضمن المكونات الخاصة بالتربية التي تبحث عن القيم والمعرفة، وتساهم في توفير التنسيق الخاص بالعمليات التربوية، وجعلها تواكب مشكلات المجتمع.

شهدت الأمة العربية نماذج متعددة آتية من الغزو الفكري ونشر مذاهب متعددة ذات طبيعة فلسفية في تفسير الوجود والمجتمع وفي تحديد مكان الإنسان، هذا ما تشير إليه استراتيجية تطوير التربية العربية.

تناول الكاتب في كتابه "فلسفة التربية" مسائل المعرفة والأخلاق وهي مذاهب مستمدة من الصراعات الحضارية التي يتميز بها هذا العصر، وخصوصاً أن الصراع بين النظام الرأسمالي وبين الماركسية حيث تجد هذه المذاهب سبيلها إلى أذهان فئات كثيرة من الوطن العربي خاصة بين الناشئين والشباب منهم الذين يجدون هذه المذاهب مائلة أمامهم محددة وجاهزة، حيث تشتد الحاجة إلى مثل هذه الفلسفة التربوية العربية المتميزة بالعمق الحضاري وتراثها الغني بالقيم الإنسانية من ناحية وبالمواقف العقلانية في النظر إلى الوجود الإنساني وإلى المجتمع من ناحية أخرى.

وتعد فلسفة التربية فرعاً من فروع الفلسفة التطبيقية أو العملية المعنية بطبيعة التربية وأهدافها والمشكلات الفلسفية الناشئة عن النظرية والممارسة التربويين. نظراً لأن هذه الممارسة موجودة في كل المجتمعات البشرية، فإن مظاهرها الاجتماعية والفردية متنوعة للغاية، وتأثيرها عميق جداً، فالموضوع واسع النطاق ويشمل قضايا في الأخلاق والفلسفة الاجتماعية والسياسية ونظرية المعرفة والميتافيزيقا، وفلسفة العقل واللغة ومجالات الفلسفة الأخرى. تتطلع فلسفة التربية في الوقت نفسه إلى ما هو داخل تخصصها الأصلي (الفلسفة) وإلى ما هو خارج هذا الاختصاص، أي إلى الممارسة التربوية والسياقات الاجتماعية والقانونية والمؤسسية التي تتحقق فيها، وهي بذلك تهتم بجانبي الثنائية التقليدية النظرية والممارسة.

يضم كتاب "فلسفة التربية" للكاتب عبد الكريم علي اليماني خمسة فصول وستة عشر بحثاً تناولت مواضيع عدة في التربية ومنظوراً عاماً، الأسس التاريخية للتربية، تعريف الفلسفة التربوية، مدخل للفلسفة التربوية، أهمية التربية وعلاقة التربية بالعلوم الأخرى، بالإضافة إلى عرض ونقد الفلسفات التربوية القديمة والحديثة، والفلسفة المثالية والواقعية والطبيعية والفلسفة البرجماتية والوجودية والوضعية المنطقية، بالإضافة إلى الفلسفة التربوية العربية الإسلامية في ضوء القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.

ضم أيضاً الكتاب نماذج من السلف الصالح أبو حذيفة، الغزالي، ابن رشد، ونماذج من الفلسفات التربوية العربية المعاصرة المقترحة، وأنموذج من الفلسفات التربوية العربية، وأوجه التشابه والاختلاف بين الفلسفات التربوية المعاصرة المقترحة.

يهدف الكاتب من كتابه إلى تزويد القارئ العربي بالمعلومات الأساسية عن التربية والفلسفة التربوية والفلسفات التي تنبثق منها الأهداف التربوية وأهمية التربية بجميع جوانبها وتعميق الفهم الفلسفي التربوي لدى القارئ وتوسيع مداركه وإضافة معرفة فلسفية تربوية إلى مخزونه المعرفي ليكون مرجعاً أساسياً له في هذا المجال، ومرجعاً حقيقياً لأعضاء هيئة التدريس في كليات التربية ولطلبة تخصص التربية في الدراسات العليا.

----

الكتاب: فلسفة التربية

الكاتب: د.عبد الكريم علي اليماني

الناشر: دار الشروق، 2015