يبدو أن هناك تاريخاً مهماً يتعلق بالإشارة الضوئية، فقد وضعت أول إشارة ضوئية في بريطانيا عام 1868 بلندن، وكانت عبارة عن ذراعين مجهزين بضوءين (أحمر وأخضر) من الغاز من أجل الاستعمال الليلي، ولكن سرعان ما حدث انفجار لهذه الإشارة توقف على إثرها استعمال هذا النوع من الإشارات لمدة نصف قرن تقريباً. وبعدها وضعت أول إشارة ضوئية أوتوماتيكية 1919 في بريطانيا، وتلتها أول إشارة ضوئية في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1925 مؤلفة من ثلاثة أضواء وتعمل يدوياً.
ونتيجة للتطور الطبيعي لوسائل ضبط التقاطعات، تم تطوير شكل الإشارات الضوئية من اليدوية إلى الأوتوماتيكية الذي يحدد أوقات الحركة والوقوف بالتتابع.
في سورية
في سورية لم تكن هناك إشارات ضوئية تضبط بواسطتها حركة المركبات حتى الأربعينيات من القرن العشرين، حيث وضعت إشارات تدار باليد، وهي عبارة عن ذراعين متصالبين كل واحد منهما بشكل متوازي مستطيلات، الوجه الأول من الزجاج الأخضر، والوجه الثاني من الزجاج الأحمر، وبداخل كل منهما إضاءة كهربائية للاستعمال الليلي. يدار هذان الذراعان بوساطة مقبض من قبل شرطي المرور، وقد تم تركيب هذا النوع من الإشارات في مدينة دمشق، في أماكن عدة، أبرزها تقاطع شارع البرلمان مع شارع العابد، وتقاطع شارع الصالحية مع الشهداء، وتقاطع الصالحية مع عرنوس وتقاطع فكتوريا. لتنتشر بعدها الإشارات الضوئية في كافة المدن السورية بعد التزايد الكبير في أعداد السيارات فيها. وتم تطوير بعض الإشارات الضوئية في الشوارع متعددة التقاطعات في ثمانينيات القرن الماضي، لتعمل بنظام الضبط المترابط بما يسمى (الموجة الخضراء).
تطورات حديثة
أما مناسبة هذه المقدمة الطويلة حول الإشارة الضوئية، هو المشروع الجديد لخريجة المعهد التقاني للهندسة الكهربائية والميكانيكية عبير عبد الغفور الذي تم عرضه خلال معرض الإبداع للمشاريع الطلابية في المعهد؛ حيث عملت مع أحد زملائها على تجهيز مشروع مصغر لإشارات مرور مخصصة لأزمات السير مع التنبيه لحالات الطوارئ، مشيرة إلى أن المشروع يركز على ثلاث حالات طوارئ إحداها يتعلق بكون هناك طريق فيه الكثير من الازدحام حيث اعتمدت وضع فواصل لزيادة أو إنقاص أرقام العد مع وضع حساس ضوئي يعمل في الظلام، يبدأ عمله مع غياب الشمس بشكل اتوماتيكي.
وبينت الغفور في لقاء معها للبوابة المعرفية أن هذا المشروع عبارة عن إشارات مرور وشاشات سيغما تعادل الحالات الثلاث وهي بالأرقام 90 و60 و30 ثانية، وحيث إن جميع الإشارات توضع في حالة الـ 30 ثانية، فقد بُرمج على أن تعمل هذه الإشارات في طريقين وتتوقف في طريقين، بشكل يخفف الازدحام كثيراً. ولأن السيارات من المستحيل تنتظر الإشارة حتى الانتهاء من العد خلال فترة الليل أو العطل عندما تكون الشوارع شبه خالية، فقد وضعت في حالة ومضية بحيث لا يقف السائق على الانتظار. كما تقدم اللوحات رؤية ضوئية تبين وضع الشارع الموازي أو المقابل إن كان فيه ازدحام أم لا. وبالتالي هي تنبه السائق لتغيير طريقه. وأشارت إلى أن المشروع قائم على التحكم اليدوي بحيث يقوم شرطي المرور بزيادة العدد الخاص بالإشارة أو إنقاصه بحسب حالة الطريق والشارع. ولكن يمكن تطبيقه في المدينة بشكل موسع وموحد عن طريق لوحة تشمل جميع إشارات المرور والتحكم فيها. ولفتت إلى إمكانية أن يعمل المشروع على الكهرباء أو من خلال تغذية الطاقة.
فكرة نظام الضبط
الفكرة الجديدة هي متابعة الحالات الموجودة ضمن الشارع وتناغم الإشارة الضوئية مع هذه الحالات، بحيث يتم تسيير طريق فيه ازدحام من خلال مراقبة وجود طرقات أقل ازدحام ومراقبة اللوحة، وقد ساعد وضع الإشارات الضوئية عند التقاطعات على تسهيل حركة المرور، ولكن ذلك لم يكن كافياً في التقاطعات التي يختلف حجم المرور بشكل ملحوظ في أذرعها المتقاطعة، لذلك بُرمجت بعض الإشارات بحيث تعدل من أطوال الزمن والحركة والوقوف عند التقاطعات خلال ساعات اليوم ضمن خطة معدة مسبقاً.
تقول صاحبة المشروع إن التطور الحديث في أنظمة المرور أصبحت تعطي نظاماً لضبط المرور في منطقة كاملة، هذا الأمر ليس غائباً لدينا، فالغاية من استخدام طريقة الضبط هذه هو إنقاص التأخر وذلك عن طريق وضع فاعلية أكثر لنظام ربط الإشارات الضوئية، مع الأخذ في الحسبان وضعية المرور في أية لحظة، وتحويل المرور إلى أي مكان من الطرق البديلة عندما تتوافر الإمكانات لاستيعاب السعات المطلوبة، وتبديل حارات أو طرق الحركة ذات الاتجاه الواحد إذا دعت الحاجة إلى ذلك.