يتألف كتاب"نقطة التحول، كيف يمكن للأشياء الصغيرة أن تحدث تغييراً كبيراً" للكاتب مالكولم غلادويل، من ثمانية فصول تتناول نماذج عالمية شهدت نقاط تحول مفصلية جعلتها أكثر نجاحاً وانتشاراً.

يبين الكاتب أن نقطة التحول هي وليدة فكرة، وفكرة بسيطة جداً تقول إن أفضل طريقة لفهم بروز تيارات الموضة وتقلب معدلات الجريمة أو تحول كتب مجهولة إلى الكتب الأكثر مبيعاً، أو ارتفاع نسبة التدخين عند المراهقين، أو ظاهرة تناقل الأخبار، أو أي عدد من التغيرات الغامضة التي تسم الحياة اليومية، هي اعتبارها بمثابة أوبئة؛ فالأفكار، المنتجات، والرسائل وأنماط السلوك تنتشر تماماً مثلما تفعل الفيروسات.

القواعد الثلاث للأوبئة

في الفصول الخمس الأولى يتحدث الكاتب عن القواعد الثلاث للأوبئة وهي "قانون الأقلية، قوة السياق، وعامل الإلصاق" التي تعطينا اتجاهاً لكيفية الوصول إلى نقطة التحول.

يشير قانون الأقلية إلى الأشخاص الموصلون وأصحاب المعرفة والبائعين. أما الموصلون فيعرفون الكثير من الأشخاص، جميعنا نعرف شخصاً من هذا النوع، هؤلاء الذين نعتمد عليهم بقوة ويربطوننا بالعالم ويعرفوننا بدوائر اجتماعية. فهم الذين يمتلكون موهبة جمع العالم سويةً، لكن من الخطأ الاعتقاد أن الموصلين هم الأشخاص الوحيدون المهمون في الوباء الاجتماعي، فهناك أصحاب المعرفة وهم الذين يراكمون المعلومات وهم لديهم الكثير من المعلومات عن المنتجات أو الأسعار، أو الأماكن المختلفة ويريدون إخبار الآخرين عنها أيضاً. أما البائعون فيتمتعون بميزة مخفية ودقيقة وغير منطوقة تجعلهم مقنعين لغيرهم.

شارع سمسم

أما فيما يتعلق بعامل الالتصاق، فيتناول الكاتب مثالاً هو شارع سمسم وتلميحات بلو والفيروس التربوي وكيف استطاعت الوصول إلى الكثير من الأشخاص بسهولة كبيرة وبطريقة زهيدة، فهو يسلي ويبهر. ركز على نقاط القوة والضعف لدى الطفل واستند إلى عقول مبدعة في تلك الفترة. جعل الأفكار تلتصق بذهن الطفل وتكون أداة تعليم وجعلت محتواه قابلاً للتذكر. لقد نجح شارع سمسم بأن يجعل التلفزيون لاصقاً.

النافذة المكسورة

أما ما يتعلق بالسياق فهو يرتبط بالبيئة المحيطة بالفرد ويضرب الكاتب مثلاً عن "بيرني جيتز" وارتفاع الجريمة وهبوطها في نيويورك في الثمانينيات وتفسيرها بحسب نظرية النافذة المكسورة، وأن الجريمة معدية تماماً مثل الموضة، فهي تبدأ مع نافذة مكسورة تركت دون تصليح وتنتشر إلى المجتمع بأكمله. وهنا نقطة التحول تعود إلى خاصية موجودة في البيئة، فقوة السياق هي جدل بيئي، والسلوك هو وظيفة للسياق الاجتماعي، وحالتنا الداخلية هي نتيجة ظروفنا الخارجية، وإن نقاط التحول البيئية هي أشياء نستطيع تغييرها.

الرقم مئة وخمسون

ويذكر الكاتب ضمن إطار قوة السياق فكرة الرقم السحري مئة وخمسون التي تبين أن عدد أفراد مجموعة يجب ألا يتخطى هذا الرقم لضمان تواصل إنساني بين أفرادها، وأننا عندما نتخطى هذا الرقم يصبح التواصل والعلاقة بين أفراد المجموعة أكثر صعوبةً. إذا أصبحت أكبر حجماً، فلن تكون هناك أشياء كافية مشتركة، ومن ثم يصبح أفراد المجموعة غرباء. وتبدأ تلك الزمالة القريبة بالتفكك، فهناك مفهوم في علم النفس الإدراكي اسمه قدرة الحصر وهو يشير إلى مساحة في أدمغتنا لأنواع معينة من المعلومات، وهناك ما يسمى بقدرة الحصر الاجتماعي.

ويؤكد الكتاب على فكرة أن عدداً من التغييرات البسيطة نسبياً في بيئتنا الخارجية يمكن أن يؤثر على تصرفنا وكينونتنا.

قضية فعلية

أما الفصل السادس فكان بعنوان "قضية فعلية"، يتناول الإشاعات والأحذية الخفيفة وقوة الترجمة، ويروي قصة تأسيس شركة "إيرووك" ونقطة التحول التي صنعتها في بداية التسعينات عندما وسعت عملها وطورته وأقنعت شركة "فووت لوكر" بتجربة بضاعتها.

والمقصود بالترجمة ما يفعله أصحاب الخبرة والموصلون والبائعون في الفطرة لجعلها أكثر نقلاً للعدوى وتعديلها بطريقة تحذف فيها تفاصيل وتبالغ في أخرى بحيث تكتسب الرسالة نفسها معنى أعمق ويتم العثور على وسيلة ما لترجمة رسالة المبتكرين إلى شيء نستطيع نحن البقية فهمه.

يتحدث الفصل الثامن عن الانتحار، التدخين، البحث عن السيجارة غير البغيضة حيث كان الانتحار في جزر ميكرونيسيا مجهولاً تقريباً في الستينات من القرن الماضي، لكن لأسباب غير معروفة بدأ يزداد بقوة وعنف، وأصبحوا أمام وباء معد للتدمير الذاتي. كما يتحدث عن تدخين المراهقين كأحد أعظم ظواهر الحياة العصرية المركبة. ويرى الكاتب أن الطريقة التي كنا نفكر وقتها في أسباب التدخين غير مقبولة كثيراً.

ويقدم الكاتب في الفصل الثامن خلاصة: نقطة التحول هي تلك اللحظة السحرية التي تجتاز فيها فكرة أو تيار أو سلوك اجتماعي عينة معينة وتتحول وتنتشر مثل النار المستعرة.

----

الكتاب: نقطة التحول، كيف يمكن للأشياء الصغيرة أن تحدث تغييراً كبيراً

الكاتب: مالكولم غلادويل

ترجمة: مركز التعريب والترجمة، 2006

الناشر: الدار العربية للعلوم