في كتابه "عزاءات الفلسفة" يوضح الكاتب آلان دو بوتون العلاقة بين الفلسفة والحياة اليومية، عبر استخدام حكمة الفلاسفة لتحسين حياة الناس الحقيقية، لتكون عزاءات تعين على حل المشكلات الإنسانية.

جمع دو بوتون في كتابه ستة فلاسفة عظماء كانوا مقتنعين بقوة البصيرة الفلسفية لإحداث تأثير عملي في الحياة، حيث سلط الضوء على إجاباتهم عن بعض المشكلات العالمية الكبرى مثل عدم الشعبية والفقر وعدم الملاءمة والفتور والجبن، فهو كان بمثابة دليل للحكمة، ضم مجموعة مبهجة من ستّ سير ذاتية للأفكار، كل منها عبارة عن مزيج من الحكاية والحجة الفلسفية والنصائح العملية؛ فالفلاسفة المميزون كانوا غالباً شخصيات مأساوية تجاوزوا ظروفهم بطريقة بطولية في بعض الأحيان، واشتركوا جميعهم في القيمة الأساسية، وهي أن يكون المرء صادقًا مع نفسه، ويتجاهل أيَّ شيء يقف في طريقه.

طرح دو بوتون آراء كل من سقراط، وأبيقور، وسينيكا، ومونتين، وشوبنهاور، ونيتشه في مسائل محددة، حيث قدم كل فصل من الكتاب بعض المعلومات الأساسية عن السيرة الذاتية للفيلسوف الذي يتناوله لوضع أفكارهم بمسارها الصحيح.

يمكن أن تكون الفلسفة مصدراً أسمى للمساعدة على التفكير في المشكلات الأكثر تسبباً للألم. ويكشف المؤلف الحكمة العمليّة في كتابات بعضٍ من أعظم المفكّرين في كلّ العصور، لتكون النتيجة كتاباً غير متوقع في العزاء والبهجة في آن واحد.

تبين أفكار الفلاسفة أن الفلسفة يمكن أن تقدم نصائح عملية، حيث وضع المؤلف الفلسفة في صلب حياتنا اليومية انطلاقاً من ستة محاور، مستخدماً الإرث الفلسفي لستة فلاسفة عاشوا في عصور مُختلفة بهدف مقاربة الهموم البَشَريَة، حيث انطلق بالحديث عن فيلسوف أثينا سقراط الذي وقف ضد الآراء السائدة، فأراد أن يبرهن على أن معيار صحة الأفكار ليس إجماع الغالبية عليها إنما مطابقتها لقواعد المنطق، ثم ذكر محاولات سقراط بهدف تصحيح بعض المفاهيم من خلال محاوراته ومساءلته للأثينيين، كما تناول محاكمة سقراط وهيئة المحلفين وقد تأثروا بصورة سقراط الكاريكاتورية التي رسمها أرستوفانيس.

كما يضم الكتاب في فصله الثاني آراء ورؤية أبيقور، فهو يحدد وظيفة الفلسفة في تخليص الإنسان من معاناة العقل، فالفلاسفة برأي أبيقور هم أطباء الروح الذين يُفسرون أسباب اليأس والإحباط لدى الإنسان، ويرى أبيقور أن (اللذة هي المنطق وغاية الحياة السعيدة) إذ ينفي وجود طريقة أُخرى غير اللذة لإدراك الخير، كما يؤكد المؤلف أن الصداقة من المكونات الأساسية في فلسفة أبيقور.

اختار المؤلف أنموذجين للفلسفة الحديثة كالفيلسوفين شوبنهاور ونيتشه حيث قال شوبنهاور: إن الأساس الحقيقي والغرض من الانجذاب الرومانسي والحب هو دافعنا البيولوجي للحفاظ على الأنواع، وهذه المعرفة مفيدة لإراحة القلب المكسور، لأنها تظهر أن المشاعر نتيجة وليست سبباً. أما بالنسبة إلى نيتشه فيرى المؤلف بأن نيتشه علمنا أن سوء الحظ أفضل من الحظ الجيد لأننا نتعلم من خلال العقبات والصعوبات.

----

الكتاب: عزاءات الفلسفة

الكاتب: آلان دو بوتون

ترجمة: يزن الحاج

الناشر: دار التنوير، بيروت، 2016