تنص المادة 25 من الدستور السوري على أن الخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة هي الركائز الأساسية لبناء المجتمع حيث، تعمل الدولة على تحقيق التنمية المتوازنة بين جميع المناطق انطلاقاً من مكونات رئيسية للحق في الصحة هي "الجودة والمقبولية وإمكانية الوصول وتوافر الرعاية".

هذه الرسائل والأهداف تدخل في صلب الشعار الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية لهذا العام في يومها العالمي والذي يحمل "صحتي حقي". مسؤولة تعزيز النظم الصحية في المنظمة الدكتورة هيام بشور أكدت أن هناك دوراً هاماً للمنظمة بالتشارك مع وزارة الصحة السورية في توفير الرعاية الصحية الأولية لجميع أفراد المجتمع كحق أساسي من حقوقهم، موضحة بعض المفاهيم المتعلقة بهذه الخدمة وأهمها توافر الرعاية من خلال وجود قدر كاف من المرافق الصحية العاملة والخدمات للجميع ويمكن قياس التوافر من خلال تحليل البيانات المصنفة حسب الطبقات المختلفة بما في ذلك العمر والجنس والمكان والوضع الاجتماعي والاقتصادي والدراسات الاستقصائية النوعية من أجل فهم الفجوات في التغطية.

إمكانية الوصول للجميع

تقتضي إمكانية وصول الخدمات الصحية أن تكون المرافق والسلع والخدمات الصحية في متناول الجميع. تبين بشور أن هناك عدة أبعاد لإمكانية الوصول هي "عدم التمييز، والوصول المادي، والإتاحة الاقتصادية والقدرة على تحمل التكاليف والوصول إلى المعلومات" حيث يكتسب ذلك أهمية خاصة لدى الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يواجهون في كثير من الأحيان حواجز هامة أمام الصحة مرتبطة بعدم إمكانية وصولهم إلى الخدمات والمرافق الصحية، وكذلك عدم قدرتهم في الحصول على المعلومات الصحية اللازمة. مشيرة إلى أن تقييم هذا الجانب يحتاج إلى تحليل الحواجز المادية، والجغرافية، والمالية، وغيرها أمام النظم والخدمات الصحية، وكيف أنها قد تؤثر على الأشخاص المهمشين في المجتمع. وتتطلب إنشاء وتطبيق قواعد ومعايير واضحة في كل من القوانين والسياسات العاملة لمعالجة تلك الحواجز.

المقبولية واحترام أخلاق مهنة الطب

إن احترام أخلاقيات مهنة الطب يتعلق بالمقبولية ومدى ملائمتها ثقافياً ومراعاة المنظور الجنس وتركيز المرافق والسلع والخدمات الصحية على الناس، ومراعاة الاحتياجات الخاصة للمجموعات السكانية المختلفة وفقا للمعاير الدولية لأخلاقيات مهنة الطب والمتعلقة بالخصوصية وجودة المحددات الأساسية للصحة، فعلى سبيل المثال من حق السكان في أي منطقة الحصول على مياه مأمونة وصالحة للشرب، والحصول على خدمات الصرف الصحي، وأن تكون المرافق والسلع والخدمات الصحية معتمدة علمياً وطبياً حسب بروتوكولات معيارية دقيقة.

توضح بشور أن الجودة مكون رئيسي من التغطية الصحية الشاملة ويجب على الخدمات الصحية الجيدة أن تكون مأمونة تتجنب إصابة الأشخاص الذين يفترض أن يتلقوا الرعاية، وفعالة بحيث توفر الخدمات القائمة على الأدلة لمن يحتاجها، ومتمحورة حول الناس بمعنى تقديم الرعاية التي تستجيب للاحتياجات الفردية، وأن تقدم في التوقيت المناسب بشكل مُنصف وشامل وبكفاءة عالية. مشيرة بأن العمل على ضمان الحق في الصحة يكون عبر إتباع نهجاً استراتيجياً في إعادة توجيه النظم الصحية لتتمحور حول الرعاية الصحية الأولية. وهذا ما تعمل عليه الاستراتيجية الوطنية للرعاية الصحية الأولية في سورية من خلال وزارة الصحة.

ضمان الحقوق الصحية

جوانب عدة حول ضمان الحقوق الصحية تحدثت عنها مسؤولة منظمة مكتب الصحة في سورية تتعلق بتقليص أوقات الانتظار الضارة أصلاً بالصحة، وأن تكون الخدمات مُنصفة لا تختلف من حيث الجودة حسب السن أو الجنس أو الإثنية أو الإعاقة أو الموقع الجغرافي أوالوضع الاجتماعي والاقتصادي. كما يجب أن تكون شاملة توفر طيف كامل من الخدمات الصحية طيلة العمر بكفاءة عالية مع تجنب الهدر. وترى أن ضمان الحق في الصحة يكون بجعل الخدمات الصحية متوفرة ومتاحة ومقبولة وذات جودة عالية للجميع وفي كل مكان، ومن خلال إتباع نهج استراتيجي في إعادة توجيه النظم الصحية لتتمحور حول الرعاية الصحية الأولية.

استراتيجية وطنية

تدخل الاستراتيجية الوطنية للرعاية الصحية الأولية بسورية في صلب هذا الموضوع، وهي تحمل رؤية وتطلعات بحيث يكون سكان سورية أصحاء ومنتجين يخدمهم نظام صحي وطني قوى ومنصف وكفء وفعال. أما الرسالة فهي أن يلتزم القطاع الصحي بتحقيق التغطية الصحية الشاملة في سورية من خلال تقديم حزمة أساسية عالية الجودة من الخدمات الصحية التي تلبي احتياجات ورضا المواطنين، وقد أشارت بشور إلى أهم النتائج المتوفرة من استراتيجية الرعاية الصحية الأولية تحسين تقديم الخدمات الصحية وتعزيز قيادة النظام الصحي وحوكمته وزيادة تأمين الموارد وتعزيز الشراكات من أجل تقديم هذه الخدمات وتطويرها. وخاصة أن هناك ضرورة ملحقة على مشاركة عامة الناس في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بالصحة وتحقيق المشاركة الاجتماعية للأفراد والمجتمعات المحلية مشاركة هادفة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالصحة. وأشارت إلى مثال حي تعمل عليه وزارة الصحة من خلال تعزيز وتوسيع برنامج القرى الصحية كأحد برامج الرعاية الصحية الأولية التي تأتي دفاعاً عن حق كل شخص في أي مكان في الحصول على الخدمات الصحية والتعليم والمعلومات فضلاً عن مياه الشرب النظيفة والهواء النقي والتغذية الجيدة والسكن الجيد والعمل اللائق والظروف البيئية الملائمة والتحرر من التمييز.

شعار المناسبة

لم يأتِ شعار اليوم العالمي للصحة هذا العام "صحتي حقي" من فراغ، بل هو تأكيد على ضرورة التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه كأحد الحقوق الأساسية لكل إنسان دون تمييز وأن الصحة حق أساسي من حقوقه تبدأ مسؤوليتها من الإنسان نفسه، أي على الأشخاص أن يهتموا بالجوانب الصحية المتعلقة بهم بشكل شخصي أولاً ومن ثمة تأتي المسؤوليات الأخرى في تأمين النظم والبرامج والخدمات الصحية. وهنا لا ننسى دور القوانين والتشريعات؛ إذ إن الدستور السوري يكفل الصحة لجميع المواطنين، وتنص مواده المتعلقة بالصحة بأن تحمي الدولة صحة المواطنين وتوفر لهم وسائل الوقاية والعلاج والدواء.