نعلم جيداً أن سوبرمان أسرع من الرصاصة وأقوى من القطار. لكننا نعلم أيضاً أن نقطة ضعفه الوحيدة هي الكريبتونيت، وهو معدن مشع يوجد على كوكب كريبتون الخيالي. والكريبتونيت هو حجر طاقة يمكنه أن يستنزف قواه الخارقة، وغالباً ما يظهر الكريبتونيت على شكل بلورة خضراء متوهجة.

تحتوي الأرض على معادن خضراء لامعة، وبعضها مشع. لكن هذه المعادن لا تتوهج من تلقاء نفسها مثل الكريبتونيت. بدلاً من ذلك، يعطي الضوء فوق البنفسجي (UV) هذه البلورات ضوءها الداخلي. يوجد أكثر من 500 نوع من هذه المعادن.

يحدث التوهج لأن المعادن الفلورية تحتوي على ذرات قابلة للإثارة تُعرف باسم المنشطات. عندما يضرب ضوء الأشعة فوق البنفسجية هذه الذرات، تكتسب إلكتروناتها الطاقة. تقفز الإلكترونات المثارة إلى حالة طاقة أعلى. مع فقدانها للطاقة، تعود إلى وضعها السابق. يحصل فقدان بعض الطاقة على شكل حرارة غير مرئية، بينما ينبعث الباقي على شكل ضوء مرئي.

تقول غابرييلا فارفان، أمينة مجموعة الأحجار الكريمة والمعادن في متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الطبيعي، إن معظم المعادن التي نراها متوهجة بمفردها في الأفلام "لا معنى لها كثيراً على أرض الواقع". تحتاج المعادن الفلورية إلى مصدر طاقة ثابت لإبقائها متوهجة. فعلى سبيل المثال، للحفاظ على لمعانها في المتحف تُعرض هذه البلورات بمصباح الأشعة فوق البنفسجية، كما تقول فارفان. يؤدي إطفاء المصباح إلى إيقاف التوهج على الفور تقريباً.

تتوهج بعض المعادن. تستمر في التوهج بعد إخراجها من حقل الأشعة فوق البنفسجية، وذلك لأن إلكتروناتها تظل مثارة لفترة أطول وتطلق طاقتها ببطء أكبر.

في عام 2008، اكتشف الباحثون أن واحدة من أندر الجواهر في العالم لها توهجها الخاص. وأطلقوا عليها اسم ماسة الأمل، وهي حجر أزرق غامق معروض في متحف سميثسونيان. (بالإضافة إلى كونها كبيرة جداً، تشتهر الماسة بلعنتها المزعومة). وجد الباحثون أنه تحت ضوء الأشعة فوق البنفسجية، ينبعث من هذه الجوهرة الثمينة شعاع أحمر متوهج يستمر لعدة دقائق. تعطي ذرات البورون المثارة هذا اللون الناري لتلك الجوهرة الشهيرة.

على الرغم من ذلك، ربما لا تكون الأحجار الفوسفورية جيدة للاستخدام في الأفلام. يمكن لبعض البلورات أن تتوهج لأيام. لكن من الأفضل مشاهدة لمعانها في الأماكن المظلمة. تقول فارفان إن رؤية شعاع متوهج واحد في غرفة مضاءة سيكون أمراً صعباً.

توهج أخضر مخيف

ورغم أن الكريبتونيت قد يتفوق على الصخور المتوهجة هنا على الأرض، فإن كوكبنا يضم معادن بدرجات مماثلة من ذاك اللون الأخضر غير الأرضي. وتشير فارفان إلى أن العديد من المعادن التي تحتوي على اليورانيوم تأتي بألوان زاهية. وتقول إنه حتى بدون الأشعة فوق البنفسجية، "تبدو وكأنها سامة".

قم بتشغيل مصباح الأشعة فوق البنفسجية وستتوهج بعض هذه المعادن باللون الأخضر المصفر اللامع. يعد الأوتونيت الأخضر الليموني مصدراً لليورانيوم المستخدم في الطاقة النووية. كما أنه ذو قيمة عالية بين صائدي الصخور بسبب توهجه. يقول إد رينز، أمين متحف مناجم علوم الأرض في كلية كولورادو للمناجم في غولدن، إن الأوتونيت يتوهج بسبب أيونات اليورانيوم. يتكون اليورانيوم من ذرة يورانيوم مشحونة إيجابياً مرتبطة بذرتي أكسجين.

يحتوي الأوتونيت أيضاً على الماء في بنيته البلورية. عندما يجف الأوتونيت، يتحول إلى ميتا أوتونيت. يصدر عن هذا المعدن السام ذرات رقيقة مشعة، بمثابة ذرات الغبار. يمكن شطف هذا الغبار بسهولة. لا ينتج إشعاعاً قوياً بما يكفي لاختراق الجلد السليم. لكن استنشاق أو بلع هذه الذرات يمكن أن يكون ضاراً. يقول راينز: "إذا وصلت (الذرات) إلى يديك وأخذت شطيرة زبدة الفول السوداني والمربى وأكلتها، فقد تصبح في ورطة".

قوة حقيقية عظيمة

لن توقف المعادن المتوهجة على الأرض البطل الخارق عن مساره. ومع ذلك، يمكن للفلورسنت أن يساعد الخبراء في تحديد الأحجار الثمينة بل واكتشاف التزوير أيضاً.

المادة الفلورية هي ضوء قادر على امتصاص وإعادة إصدار الضوء. يُعرف الضوء المعاد إصداره باسم الفلورسنت.

تقول فارفان: "يستخدم علماء الأحجار الكريمة هذه الطريقة كل يوم". يفحص العلماء الأحجار الكريمة لتحديد قيمتها. إن إخضاع الحجر الكريم لعملية القطع بهدف صنع قطعة من المجوهرات قد يجعل من الصعب تحديد الأحجار الكريمة من خلال بنيتها فقط. يمنح الفلورسنت علماء الأحجار الكريمة الأدوات اللازمة لرؤية الميزات التي لا يمكنهم رؤيتها بأعينهم وحدها.

يمكن أن يكشف اختبار الحجر باستخدام ضوء الأشعة فوق البنفسجية عن المعالجات الحرارية المستخدمة لتفتيح الأحجار أو الإيبوكسي المستخدم لملء الشقوق (الإيبوكسي مركب كيميائي ينتج من خلط مواد مشتقة من المطاط والبلاستيك). يمكن أن يساعد الفلورسنت في التمييز بين الأحجار الكريمة المصنوعة من قبل الإنسان والأحجار الكريمة الطبيعية. على سبيل المثال، تحت ضوء الأشعة فوق البنفسجية قصير الموجة تتوهج العديد من الياقوتات الاصطناعية باللون الأزرق الطباشيري. نادراً ما يفعل الياقوت الطبيعي الشيء نفسه. وتتوهج بعض الأحجار الكريمة بألوان مختلفة عند تعرضها لضوء الأشعة فوق البنفسجية. يمكن أن يساعد هذا في تحديد ما إذا كانت الأحجار الكريمة النادرة مزيفة.

تقول فارفان: "إذا كنت تشتري قطعة مجوهرات باهظة الثمن، فأنت تريد التأكد من أن هذه القطعة مصنوعة من الياقوت بالفعل وليست قطعة من الزجاج وحسب".

ألغاز الكريبتونيت

في عام 2007، اكتشف الباحثون معدناً له تركيبة كيميائية مماثلة للكريبتونيت من فيلم "عودة سوبرمان". يُطلق على هذا المعدن الأبيض الباهت اسم الجادريت، وهو يتوهج باللون البرتقالي الوردي. وقد وصفته عناوين الأخبار بأنه كريبتونيت حقيقي.

لكن مقارنة الكريبتونيت بأي معدن موجود على الأرض أمر مستحيل، كما يقول رينز. تعمل الكيمياء والحرارة والضغط بجميع أنواع الطرق لتكوين المعادن على الكوكب وداخل طبقات الأرض. سيحتاج الجيولوجيون إلى معرفة تركيبة كوكب كريبتون لمعرفة كيف تنتج هذه القوى حجر الكريبتونيت.

وبما أن أحداً لم يكتشف بعد نظيراً حقيقياً لهذا الكوكب الخيالي، فإن الكريبتونيت سوف يظل سر سوبرمان الغامض.

----

بقلم: آرون تريمبر

عن موقع: SN Explores