يعتبر كتاب "رحلة ابن بطوطة" من أشهر كتب الرحلات في التاريخ، وخصوصاً أن ابن بطوطة مشهور بكثرة أسفاره ورحلاته حول العالم، وقد ضم الكتاب مغامرات وحكايات مشوقة رواها ابن بطوطة، بالإضافة إلى بعض الأشعار التي وصفت الأماكن التي زارها أثناء رحلته.

عرف ابن بطوطة بكثرة أسفاره، وبسبب شهرته العالمية لقبته جمعية كامبريدج بـ "أمير الرحالة المسلمين". ولد محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللواتي، الشهير بابن بطوطة، في الرابع والعشرين من شهر شباط عام 1304هـ في المغرب، وينحدر من عائلة تزخر بالقضاة المسلمين. وقد تلقى تعليمه في طنجة المدينة التي وُلد فيها، وفي عام 1325هـ وحين أصبح عمره واحداً وعشرين عاماً بدأ رحلة السفر الخاصة به، وكانت بدايتها برحلة إلى مكة المكرمة قاصداً حج بيت الله الحرام، وكان هدفه الأساسي من رحلته إلى مكة هو أداء فريضة الحج، إضافة إلى إكمال تعليمه بإشراف مجموعة من العلماء المتخصصين والمعروفين في كل من مصر وسورية والحجاز.

بداية الرحلات

بدأت رحلته عام 1325م وانتهت عام 1353م، وعقب عودته من رحلته أمر السلطان أبو عنان فارس المريني ابن بطوطة أن يدوّن رحلته، وأمر كاتبه محمد بن أحمد بن جزي الكلبي بالاستماع لابن بطوطة وتسجيل الأحداث التي رآها في رحلاته والأشخاص الذين قابلهم وحكام الدول المختلفة، إضافة إلى قصصه مع رجال العلم والقديسين. وقد أملى على ابن جزي الكلبي تفاصيل تللك الرحلات ونوادرها. وبعد أن انتهى من التدوين، أطلق على مؤلفه اسم "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، ويعرف أيضاً باسم "رحلة ابن بطوطة"، وهو كتاب يصف رحلة ابن بطوطة، ويتحدث عن أهلها وحكامها وعلمها، ويصف الألبسة بألوانها وأشكالها وحيويتها ودلالتها، ولا ينسى الأطعمة وأنواعها وطريقة صناعتها. لم يكتف ابن بطوطة بوصف الأماكن التي زارها، بل استفاض في الحديث عن مداخل المدن ومخارجها وطبائع الشعوب المختلفة التي عاشرها، وسرد العديد من الحكايات المشوقة التي جعلته من رواد أدب الرحلات في الأدب العربي، حتى إننا لا نستطيع الإشارة إلى شخص كثير الترحال من دون أن نلقبه بـ"ابن بطوطة". وهكذا تم تدوين مغامرات ابن بطوطة خلال رحلاته إلى دول مختلفة حول العالم، والتي استمرت حوالي ثلاثين عاماً.

لم يلقَ الكتاب بعد تدوينه قبولاً كبيراً، إلا إنه نسخ يدوياً، كما صدِرت كتب مختصرة له يمكن العثور عليها في مكتبات محدودة. وقد استفاد بعض المسافرين الذين أرادوا الذهاب إلى الأماكن التي سافر إليها ابن بطوطة من هذا الكتاب. وفي وقت لاحق تمت ترجمة كتاب رحلة ابن بطوطة إلى عدة لغات كالبرتغالية والفرنسية والإنكليزية والفرنسية، وترجمت فصول منه إلى الألمانية، وتُعدّ رحلة ابن بطوطة تراثاً أدبياً قيّماً، اشتمل على وصف دقيق لما سمعه أو رآه المؤلف. ولذلك اعتنى بكتابه المستشرقون وترجموه إلى عدة لغات. درس علماء وباحثون رحلة ابن بطوطة ونقدوها، وخلصوا إلى أنها مجرد مذكرات كتبها المؤلف، ولا تُعد توثيقاً أمِيناً يمكن الاعتماد عليه، لأن بعضها برأيهم وصف سماع لا وصف عيان، فابن بطوطة برأيهم لم ير بعينيه كل البلدان التي ذكرها في رحلته، بل قرأ بعضها أو سمع به وكتب ذلك.

مخطوطات الكتاب

للكتاب مخطوطات في مكتبات العالم منها المخطوطات العربية الموجودة بالمكتبة الوطنية في باريس، ومنها موجود بجامعة إسطنبول وبالقاهرة ومخطوط موجود بخزانة جامع الزيتونة بتونس ومخطوط موجود بخزانة القرويين بفاس.

لم يكن ابن بطوطة عالماً ولا مفكراً ولا منشئاً بليغاً، وإنما كان رحالة جاب الآفاق والبلدان، اتصف بدقة ملاحظته، ورغبة في الاطلاع على كل شيء غريب. أسلوبه في سرده للأخبار فكاهي وظريف، توخى فيه الأمانة وحتى لو كان الأمر متعلقاً بنفسه. وهذا ما جعل المستشرق دوزي يلقبه "الرحالة الأمين". ومهما كان، فإن قصة رحلاته من أطرف القصص وأكثرها نفعاً لما فيها من وصف للعادات والأخلاق، ولما فيها من فوائد تاريخية وجغرافية ومن ضبط لأسماء الرجال والنساء والأماكن.

الأماكن التي زارها

كان في البداية متجهاً إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، ومن هناك بدأت رحلته إلى مختلف مناطق العالم كالمغرب العربي والمشرق وشبه الجزيرة العربية والعراق وإيران وشرق أفريقيا والأناضول وآسيا الوسطى وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا والصين والأندلس وإمبراطورية مالي وغرب أفريقيا.

----

الكتاب: رحلة ابن بطوطة، تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار

الكاتب: ابن بطوطة

الناشر: دار الكتاب العربي، دمشق-القاهرة