تولّد الفلسفة اهتماماً متزايداً لتقديم معنى لوجودنا، وذلك في عالم متأزّم حيث ينتشر منطق المنافسة الخاص بالعولمة، فالرغبة في الإفلات من هذا الإحساس بضياع مصيرنا من أيدينا تتعاظم بقدر ما أن المُثل التقليدية والسِّيَر الكبرى (الروحية والدينية والوطنية أو الثورية) التي كانت تستلهم لتوجيه حياتنا، قد افتقدت قوتها في الإقناع، لذلك وجب البحث عن سبل جديدة للنجاة عبر الاهتمام بالفكر الفلسفي.

يعتبر كتاب "أجمل قصة في تاريخ الفلسفة" من أهم الكتب التي تعرض التاريخ الفلسفة بأسلوب ممتع وشيق، يطرح فيها العديد من الأسئلة بانتظار الإجابة عليها: ما الفلسفة؟ ماذا تنتظر منها؟ وأي "خدمة" تقدمها؟ ألا نزال في حاجة إليها؟ وماذا يمكن أن تساعدنا الفلسفة في عصر تبدو فيه المنزلة الإنسانية خاضعة للانتشار المتواصل للابتكارات التكنولوجية والاستراتيجيات الاقتصادية أو ما يسميه هيدغر "بعالم الثقافة".

يصور الفيلسوف الفرنسي لوك فيري بالتعاون مع الكاتب كلود كبلياي في كتابه تاريخ الفلسفة التّطور التاريخي والفلسفي والتعاقب المثيولوجي عبر "أجمل قصة في تاريخ الفلسفة" الحضارات المختلفة مروراً بالحضارة اليونانية والإغريقية تليها فترة التنوير حتى الوصول إلى عصرنا هذا.

تتبع الفيلسوف لوك فيري تطور الفلسفة عبر خمس حقب تاريخية كبرى وإحياء أعمال أعظم الفلاسفة في تكونها وتطورها، وما أضافه الفلاسفة للبشرية.

يسعى الكاتب من خلال كتابه البحث عن السعادة من وجهة نظر فلسفية، محاولاً تقسيم كتابه إلى مقدمة وخمسة محاور ونتائج، اهتم المحور الأول بالإنسان بوصفه قطعة من "الكوسموس"، وركز المحور الثاني على الخلاص الديني (المسيحي)، كمنظور آخر لتحقيق السعادة، وركز المحور الثالث على افتكاك الإنسان عن المحددات الكوسمولوجية والثيولوجية وتأسيس السعادة وفق" إرادة الأنا-المفكّرة"، بينما تطرق المحور الرابع إلى المراجعة التفكيكية النقدية للإيديولوجية الحديثة بعدما صارت نزعة تأسيسية، وتناول المحور الخامس الحياة الطيبة من خلال تجربة الحب.

ويؤكد الفيلسوف فيري أن مسالة السعادة، بقدر ما ظلت مطلباً فلسفياً منذ القدم، صارت لها أهمية قصوى في سياقنا المعاصر، حيث طرح عدة تساؤلات: ما الذي يجعل الحياة في أعيننا تستحق أن تعاش ونتمسك بها رغم معرفتنا بقصرها وخاتمتها؟ بماذا يمكن أن تساعدنا الفلسفة في عصر تبدو المنزلة الإنسانية خاضعة لتوسع هيمنة الابتكارات التكنولوجية؟

إن الكشف التدريجي لدى البشرية عن ذاته يتواصل بكل بداهة إلى أيامنا هذه، مما يجعل المؤلف يكشف عن أجوبة غير مسبوقة لدور الفلسفة لبلوغ السعادة الإنسانية.

وهكذا نرى أن كتاب "أجمل قصة في تاريخ الفلسفة" تناول أبرز الفلاسفة والأفكار التي تركت بصمة في تاريخ الفلسفة، ليصبح هذا الكتاب مرجعاً مهماً لكل محبي ومهتمي الفلسفة، حيث يتيح لهم فرصة للتعرف على تاريخ الفلسفة بأسلوب سهل ومبسط.

----

الكتاب: أجمل قصة في تاريخ الفلسفة

الكاتب: لوك فيري، كلود كبلياي

المترجم: محمود بن جماعة

الناشر دار التنوير للطباعة، 2015