تشير دراسات البنك المركزي إلى إن تأثير الناتج المحلي الإجمالي الزراعي ودوره في تخفيض الفقر، يعادل تأثير الناتج المحلي الإجمالي من بقية القطاعات، وبالتالي فإن تعافي القطاع الزراعي يسهم في تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق تنمية زراعية واجتماعية مستدامة.

نظراً لهذه الأهمية وانسجاماً مع البرنامج الوطني التنموي لسورية ما بعد الحرب واستراتيجية تطوير القطاع الزراعي 2021 – 2030 نحو اقتصاد زراعي تنموي تنافسي أعدته وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، تم تطوير وثيقة معرفية علمية للإضاءة على واقع الدعم الزراعي وأشكاله ومناقشة نقاطه ضعفه وقوته، وذلك من خلال الإجابة على عدة أسئلة تتعلق بالانحرافات ومظاهر الهدر وتغيير أشكال الدعم وهل ندعم مستلزمات الإنتاج أم المنتج النهائي، وكيف يمكن إيصال الدعم للمنتجات التي لا تسوقها الدولة.

مقاربات واقعية

رئيس الهيئة العامة للبحث العلمي الدكتور مجد الجمالي بين أن مقاربتهم في الوثيقة جاءت بعد استعرض واقع الدعم الزراعي في العديد من الدول، إضافة إلى الواقع المحلي والوقوف على أهم ملامح إصلاح منظومة الدعم من خلال تسليط الضوء على مزايا وعيوب أشكال الدعم الممكنة وتقديم رؤية وطنية لتطويره وآليات رصده وتقييمه وفقاً للأولويات مع ضرورة الاهتمام بعدد من النقاط عند طرح أو وضع أي برنامج خاص بالدعم ومنها أولاً: تحديد مفهوم الدعم من حيث التمييز بين الواجبات والمهام، وأنه أداة وليس غاية أو هدفاً بحد ذاته، ومعرفة طبيعة السوق السورية لفهم نظم أو برامج الدعم المناسبة له. وثانياً: تنسيق إدارة الدعم "من الجهة المسؤولة عنه؟" ووضع مبررات الدعم وأولوياته بمعنى لا يمكن دعم كل شيء دفعة واحدة وإنما التركيز على ماذا سيتم دعمه في كل مرحلة من المراحل، مع الأخذ بعين الاعتبار سلاسل القيمة وسلاسل الإمداد. وثالثاً: تحديد شروط الدعم ومدة البرنامج وضرورة الرصد والتقييم للتأكد من تحقق الهدف ووضع استراتيجية للخروج من أي برنامج دعم وإعادة توجهيه لبرامج أخرى وكيفية تعزيز دور الشركاء الوطنيين في السوق.

الدكتور موفق جبور

الدعم الموجه

المدير العام للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتور موفق جبور بين أن الهدف من الوثيقة: تسليط الضوء على أشكال الدعم الزراعي وأنواعه في سورية والاستفادة من التجارب الدولية بهدف تحسين واقع الدعم وإصلاح منظومته. وعليه تم التركيز على الدعم الموجه بحيث يكون هو نوعاً من الاستثمار وتكون الفائدة منه أقصى ما يمكن وذلك من خلال تحديد هدف الدعم في البداية، ومن ثم تحديد أولوياته والفئات المستهدفة وربط ذلك بمنظومة مراقبة ورصد دائمة تمكن من تقييم الانحرافات والخلل ومن تصحيحه، ولا بد أن يكون الدعم ضمن نظام مرن ومحدد بإطار زمني معين، إذ لا يجوز أن يكون إلى ما لا نهاية وذلك لكي يتم الانطلاق إلى برامج أخرى من الدعم حسب أوليات كل مرحلة من المراحل. وهذا الكلام ينطبق على القطاع الزراعي وغير الزراعي، لافتاً إلى أن برامج الدعم الحكومي هي أدوات للتوجيه الاقتصادي سواء بالتحفيز أو التثبيط، وبالتالي فهي ليست هدفاً بحد ذاتها وإنما هي أدوات اقتصادية تستخدم في الخطط التنموية.

وتحدث المهندس جبور عن الإجراءات الهادفة المقترحة في الوثيقة بهدف زيادة كفاءة الدعم الزراعي الذي تقدمه الدولة ومنها تحديد الفئات المستهدفة ووضع معايير للدعم الموجه، وتوفير قاعدة بيانات إحصائية متكاملة لجميع مجالات القطاع الزراعي وتخفيض ازدواجية الدعم. وكذلك تعزيز شبكات الضمان والحماية الاجتماعية وبرامج الكوارث الطبيعية وتخفيض قيمة الفاقد للقروض الممنوحة من الدولة لأصحاب المشاريع الزراعية وربط هذا الدعم بالاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والمحافظة على البيئة.

دراسة أولية

تعد الوثيقة الحالية المقترحة بمثابة دراسة أولية للتجارب والمفاهيم المتعلقة بالدعم بشكل عام والدعم الزراعي بشكل خاص، وتحتاج من وجهة نظر القائمين عليها إلى دراسات مفصلة ومعمقة تأخذ في الحسبان توفر الوقت الكافي لإنجازها. كما أن الرؤية الموضوعة في الوثيقة هي بمثابة لبنة أساسية للبناء عليها من خلال إجراء المزيد من الدراسات المتخصصة والمعمقة لترتيب مكونات عمليات الدعم وإبراز معاير رصد الجزئيات وتقييم سوية الأداء ومقارنة النتائج بالأهداف المعلنة سابقاً.