أدركت المؤسسات التعليمية تحت مظلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ضرورة تبني معايير جديدة في الجودة والاعتمادية كي لا تفقد ترتيبها العالمي والتميز المؤسسي والأكاديمي ولكي تبقى مواكبة للجامعات العالمية المتميزة. وعليه صدر في سبيل ذلك عدة قوانين وتشريعات كان آخرها إصدار القانون رقم 33 المتضمن إحداث الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية في التعليم العالي، والتي تتمتع بالصفة العلمية والطابع الإداري.

يؤكد رئيس الهيئة الدكتور رياض طيفور أنه منذ اللحظات الأولى لتكليف أعضاء مجلس المفوضين، باشروا بالعمل على وضع أهداف المطلوبة والمهمات ووضع رؤية للهيئة في الريادة والتميز وفي الجودة والاعتمادية الأكاديمية وطنياً وإقليمياً وعالمياً فكانت الرسالة هي الارتقاء بمستوى التعليم العالي في سورية وتطويره لكسب الثقة بمخرجاته، وتطبيق منظومة من المعايير والآليات الخاصة بالجودة والاعتمادية الأكاديمية التي تنسجم مع متطلبات التنمية الوطنية وتتوافق مع المعايير العالمية أيضاً. ووضعت القيم لهذه الهيئة الموضوعية والشفافية والتشاركية والتمكين والاستقلالية، ووضعت أهدافها في نشر وتعزيز الوعي بثقافة الجودة لدى المؤسسات التعليمية في سورية، ودعم وتمكين هذه المؤسسات بغية تعميم مفاهيم الجودة والتميز في بناء القدرات والمهارات وإنتاج المعرفة.

ولفت إلى أهم الأهداف في تمكين القدرات الذاتية للمؤسسات التعليم العالي في سورية للقيام بعمليات التقييم الذاتي وفق معايير الجودة المعتمدة، ورفع ثقة المجتمع في مخرجات والتعاون مع المؤسسات والهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية.

أنموذج الجودة

من المهم معرفته أن الهيئة وضعت أنموذجاً جديداً لعملها، جزء منه يتعلق بجوانب إدارية، وجزء تم إنجازه، وجزء آخر لم يتم إنجازه يتعلق بجهات أخرى. وهذا شكّل بعض الصعوبات في العمل المستقبلي. وأشار الدكتور طيفور إلى أهمية أنموذج الجودة الجديد الذي يتكون من 9 معايير و57 عنصراً و 408 من القضايا المطروحة ضمن استبيان استرشادي يوضح نقاط القوة والضعف وطريقة القياس وكيف يتم منح النقاط لتقييم الجودة في المؤسسات التعليمية ومخرجاتها. وأكد أن أهمية هذا الأنموذج تأتي من أهداف الهيئة في تطوير ثقافة الجودة في مؤسسات التعليم العالي السورية وضمان استدامتها وتطوير آليات لضمان الجودة تتوافق مع أفضل ممارسات الدولية وتساعد في التقييم الذاتي للمؤسسات وضمان الجودة في جميع المهام التي تقوم بها المؤسسات التعلم العالي وعمليات التعليم والبحث العلمي، وخدمة المجتمع، وتشجيع تطوير مواد تعليمية مبتكرة، وتطوير آليات لتقييم المناهج والطلاب وأعضاء الهيئة التعليمية، وتسهيل الاعتراف المتبادل لمؤسسات التعليم العالي داخل سورية وخارجها، وتسهيل تنفيذ اتفاقيات التبادل الطلابي، وتبادل أعضاء الهيئة التدريسية، وتعزيز الشفافية والمساءلة والنزاهة الأكاديمية، وتحفيز التنافسية.

الأنموذج الأوروبي

انطلاقاً من كيفية وضع الأنموذج الجديد ومراحل العمل التي عمل عليها الفريق، يبين رئيس الهيئة أنه تم الإطلاع على كل الأنظمة الموجودة عالمياً وإقليمياً، وتمت الاستفادة من هذه النماذج. ولكن تم التركيز بشكل أساسي عند وضع هذه المعايير وهذا الأنموذج على أنموذج الجودة للمؤسسة الأوروبية لإدارة الجودة ifqm الذي تمت الاستفادة منه فيما يتعلق بالتصميم العام بالمدخلات والمخرجات، وهو يختلف كثيراً عن النماذج الموجودة في العالم وحتى في الإقليم، لكنه متوافق بشكل أساسي مع الأنموذج الأوروبي. وتم تحديد المدخلات والعمليات كمكونات أساسية، ومنها تم اشتقاق المخرجات، ومن ثم تم الربط بين العمليات والمدخلات والمخرجات بنفس الوقت، وتم وضع آلية قياس لجميع هذه العناصر من خلال الاستفادة من أي ifqm وتم التوجه من أدلة ضمان الجودة الصادرة من اتحاد الجامعات العربية. وتم التركيز على بعض الجوانب المتعلقة بالمعايير والمدخلات المتعلقة بها وعناصر التقييم. وبعد تجميع البيانات ودراسة نماذج مختلفة تم وضع المعايير وتوصيفها وتحديث العناصر الأساسية المكونة لهذه المعايير لشرحها بشكل تفصيلي، وتغطية كافة الجوانب المتعلقة بالأنموذج. وهذه التفاصيل وضعت على موقع الهيئة الوطنية للجودة ووصلت إلى الجميع.

معيار واحد

ولأن القضايا كثيرة، فقد تحدث الدكتور طيفور عن معيار واحد من كل مكون من المكونات والمدخلات والعمليات ومن المخرجات. ففي المكونات تحدث عن مكون الإستراتيجية والقيادة كأول معيار، ولها خمس نقاط من أصل مئة، وتم توزيعها على عشرة عناصر، وهي تحديد أصحاب المصلحة والمستفيدين والبيئة التي تعمل فيها المؤسسة ضمن رويتها وأهدافها وقيمها ونشرها ووضع استراتيجية المؤسسة وتحسين الكفاءة والفعالية والتميز في إدارة المؤسسة.

وفي معيار آخر هو الطلاب وعمليات التعليم والبحث العلمي وله 15 نقطة، وهذا يتضمن مجموعة من العناصر، منها متابعة الطلاب في كافة المراحل الجامعية ومتابعة الخريجين والسياسات التعليمة والبحث العلمي والمناهج والمقررات وطرائق التعليم والتعلم والاختبارات والامتحانات.

وفي معيار المخرجات بيّن طيفور موضوع أداء الطلاب، وهو مرتبط بالعمليات، ولكنه بنفس الوقت هو مُخرج. وكذلك فإن معيار الخريجين وسوق العمل هو مخرج، والعلاقة بين الخريجين وولائهم للمؤسسة هو أيضاً مخرج، لذلك يجب النظر إلى هذه المعايير بشكل متكامل لنصل إلى وثيقة خاصة بتقييم عنصر المدخلات، ولكل عنصر ستكون هناك وثيقة.

وعليه فإن الأنموذج الجديد للجودة والاعتمادية يعتمد على أخذ كل معيار على حد لوصفه وتفنيده وتحديد أصحاب المصلحة والبيئة التي تعمل بها المؤسسة، وصولاً إلى استبيان متكامل يحدد نقاط القوة والضعف والوصول إلى معايير في الجودة والاعتمادية تواكب المعايير العالمية.